فصل: قال الدمياطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فإن قلت: إنه قد يجوزم أن يكون أراد اللام الفاصلة، لكنها جفت مع اللام الجارة، فحذفت وصارت هذه الجارة في اللفظ كالعوض منها.
قيل: فقد قال:
فلا والله لا يلفي لما بي ** ولا للما بهم أبدا دواء

فجمع بين اللامين، وكلتاهما جارة. فجاز الجمع بين الجارتين، وهما بلفظ واحد، وعمل واحد- فجمع المفتوحة مع المكسورة العاملة أحرى بالجوز.
وبعد، فالحق أحق أن يتبع. هذا بيت لم يعرفه أصحابنا ولا رووه، والقياس من بعد على نهاية المج له والإعراض عنه، لاسيما وقد جاور بحرف الجر حرفا مثله لفظا ومعنى، فلو وجد هذا البيت عنوانا على كل ورقة من مصحف أبي عمرو لما جاز استعمال مثله في الشعر إلا كلا ولا، فضلا عن الأخذ به في كتاب الله.
فإذا كان كذلك بطل رفع (كل) لما ذكرناه، وجب أن يكون نصبا على لغة من نصب مع التخفيف، فقال: إن زيدا قائم؛ لأنه إذا نصب زال لاشك في أنها ليست بالنافية؛ لأن تلك غير ناصبة للمبتدأ. وترك ابن مجاهد ذكر الإعراب في (كل) يدعو إلى أن يكون رفعا؛ إذ لو كان نصبا لذكره لما فيه من الشذوذ الذي عليه وضع الكتاب، ففيه إذا ما تراه، فتعجب منه.
ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن مسعود (رضي الله عنهما) ويحيى والأعمش: {يَا مَالِ}.
قال أبو الفتح: هذا المذهب المألوف في الترخيم، إلا أن فيه في هذا الموضع سرا جديدا، وذلك أنهم- لعظم ما هم عليه- ضعفت قواهم، وذلت أنفسهم، وصغر كلامهم؛ فكان هذا مواضع الاختصار ضرورة عليه، ووقوفا دون تجاوزه إلى ما يستعمله المالك لقوله، القادر على التصرف في منطقه.
ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن اليماني: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَبِدِين}.
قال أبو الفتح: معناه- والله أعلم- أول الأنفين. يقال: عبدت من الأمر أعبد عبدا، أي: أنفت منه. وهذا يشهد لقول من قال في القراءة الأخرى: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِين}، أي: الأنفين. ولم يذهب إلى أنه أول العابدين؛ لأني لا أذهب إلى ما يذهبون إليه من أن معناه: أن كان للرحمن عندكم أنتم ولد فأنا أول من يعبده، لأن الأمر بخلاف ما قدرتموه أنتم.، ألا ترى أن العبدين من عبد يعبد؟ فإن قلت: فقد قال:
أصبح قلبي صردا ** لا يشتهي أن يردا

إلا عرادا عردا ** وصليانا بردا

وعنكثا ملتبدا

يريد عاردا وباردا، كما قال العجلي:
كأن في الفرش القتاد العاردا

قيل: إنما جاز في الضرورة؛ لأن القافية غير مؤسسة، فحذف الألف ضرورة كما حذفها الآخر من قوله:
مثل النقا لده ضرب الطلل

يريد الطلال، كما قال القحيف العقيلي:
ديار الحي يضربها الطلال ** بها أهل من الخافي ومال

وكذلك مذهب ابن عباس في قوله: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِين}، أي: الأنفين.
ووجه ثالث مقول أيضا، وهو أن تكون (إن) بمعنى ما، أي: ما كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين له؛ لأنه لا ولد له. قال الفرزدق:
وأعبد أن تهجى كليب بدارم

أي: آنف من ذلك.
وروينا عن قطرب أن العابد العالم، والعابد الجاحد، والعابد الأنف الغضبان، قال: ومعنى هذه الآية يحتمل كل هذه المعاني، وفيه ما ذكرته أنا لك.
ومن ذلك قراءة الأعرج ورويت عن أبي قلابة وعن مجاهد أيضا: {وقيله}، رفعا.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون ارتفاعه عطفا على {علم} من قوله: {وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَة}، و{قيله}، أي: وعلم قيله، فجاء على حذف المضاف، كما أن من جره {وقيله} فهو معطوف عنده على {الساعة}. فالمعنيان- كما تراه- واحد، والإعرابان مختلفان.
فمن نصب فقال: {وقيله} كان معطوفا على {الساعة} في المعنى، إذ كانت مفعولا بها في المعنى، أي: عنده أن يعلم الساعة وقيله. وهذا كقولك: عجبت من أكل الخبز والتمر، أي: من أن أكلب هذا وهذا. وروينا عن أبي حاتم، قال: {وقيله} نصب معطوف على {نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ}، و{قيله}. قال: قال ذلك جماعة، منهم يعقوب القارئ. وبعد، فليعم أن المصدر الذي هو {قيل} مضاف إلى الهاء، وهي مفعولة في المعنى لا فاعله؛ وذلك أن وعنده عطفا علم أن يقال له: يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. فالمصدر هنا مضاف إلى المفعول لا إلى الفاعل، وإنما هو من باب قول الله (سبحانه): {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ}، أي: بسؤاله إياك نعجتك. ومثله قوله (تعالى): {لا يَسْأَمُ الْأِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}، أي: من دعائه الخير، لابد من هذا التقدير.
ألا ترى أنه لا يجوز أن تقدره على أنه: وعنده علم أن يقول الله: يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون؟ لأن هذا إنما يقال لله (تعالى) دون أن يكون (سبحانه) يقول: يا رب إن هؤلاء كذا، فتم الكلام على {يؤمنون}، ثم قال الله: يا محمد، فاصفح عنهم، وليس يريد تعالى الصفح الذي هو المساهلة والعفو؛ إنما المراد فأعرض عنهم بصفح وجهك، كما قال تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين}.
وقوله: {قل سلام}، أي: أمرنا وأمركم متاركة وتسلم، كما قال: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قالوا سَلامًا}.
وقوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُون} من كلام الله أيضا، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول لله (سبحانه): {فَسَوْفَ يَعْلَمُون}؟ لأن هذا إعلام، والله أحق المعلمين بهم. اهـ.

.قال الدمياطي:

سورة الزخرف مكية وآيها ثمانون وثمان شامي وتسع في الباقي خلافها اثنان {حم} كوفي {مهين} حجازي وبصري.
مشبه الفاصلة واحد {عن السبيل} وعكسه اثنان {مقرنين} {قرين}.
القراءات:
قد مر ذكر إمالة {حم} كالسكت على حرفيها.
ونقل قرآنا وقرأ في {أم} بكسر الهمزة حمزة والكسائي وصلا فإن ابتدا ضماها كالباقين في الحالين.
واختلف في {إن كنتم} الآية 5 فنافع وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف بكسر الهمزة على أنها شرطية وإن كان إسرافهم محققا على سبيل المجاز كقول الأجير إن كنت عملت فوفني حقي مع علمه وتحققه لعله وجوابه مقدر يفسره {أفنضرب} أي إن أسرفت نترككم وافقهم الحسن والأعمش والباقون بالفتح على العلة مفعولا لأجله أي لأن كنتم.
وقرأ {نبيء} بالهمز نافع.
وقرأ {يستهزون} بحذف الهمزة وضم الزاي أبو جعفر ومر أول البقرة حكم وقف حمزة عليه.
وأمال {ومضى} حمزة والكسائي وخلف وقلله الأزرق بخلفه وقرأ {مهدا} بفتح الميم وسكون الهاء مع القصر عاصم وحمزة والكسائي وخلف كما مر بطه.
وقرأ {ميتا} بتشديد الياء أبو جعفر ومر بالبقرة.
وقرأ {تخرجون} الآية 11 بالبناء للفاعل ابن ذكوان وحمزة والكسائي وخلف وسبق بالأعراف وما في الأصل هنا لعله سبق قلم.
وقرأ {جزء} بضم الزاي أبو بكر وقرأ أبو جعفر بحذف الهمزة وتشديد الزاي ومر توجيهها بالبقرة ويوقف عليها لحمزة بالنقل فقط وأما الإبدال واوا قياسا على {هزوا} فشاذ وبين بين ضعيف.
واختلف في {ينشأ} الآية 18 فحفص وحمزة والكسائي وخلف بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين مضارع نشأ معدى بالتضعيف مبنيا للمفعول أي يربي وافقهم الأعمش وعن الحسن {يناشؤا} بضم الياء والألف بعد النون تخفيف الشين مبنيا للمفعول والباقون بفتح الياء وسكون النون وتخفيف الشين من نشأ لازم مبني للفاعل.
واختلف في {عند الرحمن} الآية 19 فأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وخلف بالألف بعد الموحدة المفتوحة ورفع الدال جمع عبد وافقهم ابن محيصن واليزيدي والشنبوذي وعن المطوعي كذلك لكن فتح الدال على إضمار خلقوا والباقون بالنون الساكنة وفتح الدال بلا ألف ظرفا.
وقرأ {أشهدوا} بهمزتين مفتوحة فمضمومة مسهلة كالواو مع سكون الشين نافع وأبو جعفر فأدخلا همزة التوبيخ على {أشهدوا} فعلا رباعيا مبنيا للمفعول وفصل بين الهمزتين بالألف قالون بخلف عنه من طريقيه وأبو جعفر وقطع بالقصر لقالون أكثر المؤلفين كورش والباقون بهمزة الاستفهام داخله على شهدوا مفتوح الشين ماضيا مبنيا للفاعل أي أحضروا وعن الحسن {شهادتهم} بالجمع.
واختلف في {قل أولو} الآية 24 فابن عامر وحفص (قال) ماضيا والباقون قل بغير ألف على الأمر.
واختلف في {جئتكم} الآية 24 فأبو جعفر بالنون موضع التاء وألف بعدها على الجمع والباقون بتاء المتكلم وكل على أصله من الصلة وأبدل همزة أبو عمرو بخلفه وأبو جعفر كوقف حمزة وعن المطوعي {إني} بنون واحدة مشددة دون نون الوقاية.
{بريء} بكسر الراء بعدها ياء فهمزة لغة نجد ويثنى ويجمع ويؤنث والجمهور {إنني} بنونين {براء} بفتح الراء وبعدها ألف فهمزة مصدر يستوي فيه المفرد والمذكر ومقابلهما يقال نحن البراء منك ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث كالمصادر في الغالب.
وأثبت ياء {سيهدين} في الحالين يعقوب.
واتفقوا على بناء الفاعل في {لعلهم يرجعون} معا لأنه ليس من رجوع الآخرة ونقل القرآن ابن كثير وعن ابن محيصن فقط.
{سخريا} بكسر السين.
ووقف على {رحمت} معا بالهاء ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب.
وقرأ {لبيوتهم} معا بضم الياء على الأصل ورش وابو عمرو وحفص وأبو جعفر ويعقوب.
واختلف في {سقفا} فابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر بفتح السين وإسكان القاف بالإفراد على إرادة الجنس وافقهم الحسن وابن محيصن والباقون بضمها على الجمع كرهن في جمع رهن.
{وقرأ} يتكون بحذف الهمزة وضم الكاف أبو جعفر والوقف لحمزة عليها كيستهزون ومر.
واختلف في {لما متاع} فعاصم وحمزة وابن جماز بتشديد الميم بمعنى الأوان نافية واختلف عن هشام فروى عنه المشارقة وأكثر المغاربة كذلك بالتشديد وبه قرأ الداني على أبي الحسن وبالتخفيف قرأ على أبي الفتح من رواية الحلواني وابن عباد عن هشام وبه قرأ الباقون فإن هي المخففة واللام فارقة كما مر وما مزيدة للتأكيد.
واختلف في {نقيض} فأبو بكر من طريق العليمي ويعقوب بالياء من تحت وكذا رواه خلف والصريفيني عن يحيى وافقهما المطوعي والباقون بنون العظمة وهي رواية يحيى من سائر طرقه.
وقرأ {ويحسبون} معا بفتح السني ابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر.
واختلف في {جاءنا} الآية 38 فنافع وابن كثير وابن عامر وابو بكر وابو جعفر بألف بعد الهمزة على التثنية وهما العاشي وقرينه وافقهم ابن محيصن والباقون بغير ألف والضمير يعود على لفظ من وهو العاشي.
وقرأ {أفأنت} بتسهيل الهمزة الثانية للأصبهاني وقرأ {نذهبن بك} و{نرينك} بتخفيف النون فيهما رويس واتفقوا على الوقف له بالألف بعد الباء في {نذهبن} على الأصل في نون التوكيد الخفيفة كما مر آخر آل عمران.
وقرأ {وسل} بالنقل ابن كثير والكسائي وخلف عن نفسه.
وأسكن سين {رسلنا} أبو عمرو.
وضم هاء {نريهم} يعقوب.
وقرأ {يا أيه} بضم الهاء وصلا ابن عامر ووقف عليها بالهاء بلا ألف نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة وأبو جعفر وخلف.
وفتح ياء الإضافة من {تحتي أفلا} نافع والبزي وأبو عمرو وأبو جعفر.
واختلف في {أسورة} فحفص ويعقوب بسكون السين بلا ألف جمع سوار كأخمرة وخمار وافقهما الحسن وهو جمع قلة وعن المطوعي بفتح السين وألف ورفع الراء من غير تاء والباقون كذلك لكن بفتح الراء وبتاء التأنيث على جعل جمع الجمع كأسقية وأساقي أو جمع أساور بمعنى سوار والأصل أساوير عوض عن الياء تاء التأنيث كزنادقة.
واختلف في {سلفا} فحمزة والكسائي بضم السين واللام جمع سليف كرغيف ورغف أو جمع سلف كأسد وأسد.
وافقهم الأعمش والباقون بفتحهما جمعا لسالف كخادم وخدم وهو في الحقيقة اسم جمع لا جمع إذ ليس في أبنية التكسير صيغة فعل أو على أنه مصدر يطلق على الجماعة من سلف الرجل يسلف سلفا تقدم وسلف الرجل آباؤه المتقدمون جمعه أسلاف وسلاف.
واختلف في {يصدون} فنافع وابن عامر والكسائي وأبو جعفر وخلف عن نفسه بضم الصاد من صد يصد كمد يمد أعرض.
وافقهم الحسن والأعمش والباقون بكسرها كحد يحد ووقع في النويري جعل الكسر لنافع ومن معه والضم للباقين ولعله سبق قلم.
وقرأ {أألهتنا} بتسهيل الثانية بين بين نافع وابن كثير وابو عمرو وأبن عامر وأبو جعفر ورويس ولم يبدلها أحد من الأزرق بل الكل على تسهيلها عنه لما يلزم من التباس الاستفهام بالخبر باجتماع الألفين وحذف إحداهما والباقون وهم عاصم وحمزة والكسائي وروح وخلف بتخفيفهما واتفقوا على عدم الفصل بينهما بألف قال في النشر لئلا يصير اللفظ في تقدير أربع ألفات همزة الاستفهام وألف الفصل وهمزة القطع والمبدلة من الهمزة الساكنة وهو إفراط. ومر إيضاح ذلك في الهمزتين من كلمة وتسهيل همز {اسرائيل} مع مده وقصره لأبي جعفر وعن الأعمش {وإنه لعلم} بفتح العين واللام الثانية أي شرط وعلامة.
وأثبت الياء في {اتبعون} هذا وصلا أبو عمرو وأبو جعفر وفي الحالين يعقوب.
وأدغم دال {قد جئتكم} أبو عمرو وهشام وحمزة والكسائي وخلف.
وأثبت الياء في {أطيعون} في الحالين يعقوب وسكن ياء {يا عبادي لا خوف} وصلا ووقفا نافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ورويس من غير طريق أبي الطيب وفتحها أبو بكر ورويس من طريق أبي الطيب.
و{سكناها} وقفا والباقون بحذفها في الحالين.
وقرأ {لا خوف} بالفتح بلا تنوين يعقوب على لا التبرئة والباقون بالرفع والتنوين على الابتداء.